أسباب وجع الورك مفصلة

يُعد ألم الورك من المشكلات الصحية الشائعة التي تؤثر على جودة الحياة، وتختلف شدته وأسبابه باختلاف العمر والحالة الصحية لكل فرد. يتكون مفصل الورك من اتصال رأس عظمة الفخذ بحُق مفصل الحُقّ في الحوض، وهو من أكبر المفاصل الحاملة للوزن في الجسم، ما يجعله عرضة للعديد من الإصابات والأمراض التي تؤدي إلى الشعور بالألم. في هذا المقال، سيتم تناول أسباب وجع الورك بشكل مفصل علمي، مع شرح طبي دقيق للأنواع المختلفة للألم وأبرز الأسباب العضوية والنفسية التي تؤدي إليه، إضافة إلى توضيح كيف يمكن التمييز بين هذه الأسباب.

تركيب مفصل الورك ووظائفه

قبل الدخول في أسباب وجع الورك، من الضروري فهم التركيب التشريحي والوظيفي لمفصل الورك. يتكون مفصل الورك من رأس عظمة الفخذ الذي يدخل في التجويف الحقي (Acetabulum) في عظم الحوض. يغطي رأس عظمة الفخذ غشاء غضروفي ناعم يُعرف بالغضروف المفصلي، ويحيط بالمفصل غشاء زليلي يفرز سائلاً زلالياً لتقليل الاحتكاك. كما تحيط المفصل أربطة قوية وعضلات تدعم حركته وتثبته.

وظيفة الورك الأساسية هي دعم وزن الجسم أثناء الوقوف والمشي والجري، ويسمح بحركة متعددة الاتجاهات تشمل الثني، البسط، الدوران، والابتعاد عن الجسم. لذا فإن أي خلل في أي جزء من هذه التركيبة قد يؤدي إلى ألم وإعاقة في الحركة.

تصنيفات ألم الورك

يمكن تصنيف ألم الورك وفقًا للمدة أو السبب أو طبيعة الألم:

• مدة الألم: ألم حاد (مفاجئ وقصير الأمد) أو مزمن (يستمر أكثر من 3 أشهر).

• المصدر: ألم ناجم عن مشاكل في المفصل نفسه، أو بسبب مشاكل في العضلات والأوتار المحيطة، أو ألم إحالي من مناطق أخرى مثل الظهر أو الحوض.

• طبيعة الألم: ألم حارق، نابض، خفيف، متقطع، أو ثابت.

الأسباب الشائعة لألم الورك

1. التهاب مفصل الورك (الفصال العظمي – Osteoarthritis)

يُعد الفصال العظمي من أكثر أسباب وجع الورك شيوعًا، وهو حالة تنكسية تصيب الغضروف المفصلي في الورك. مع تقدم العمر أو بعد إصابات متكررة، يتناقص سمك الغضروف، ويصبح سطح المفصل خشناً مما يسبب احتكاك العظام ببعضها. يرافق ذلك ألم متزايد مع الحركة وتصلب في المفصل، خاصة بعد فترات الراحة أو في الصباح.

• العوامل المؤدية: التقدم في السن، الوزن الزائد، الإصابات السابقة، الوراثة.

• الأعراض: ألم في الورك يتفاقم مع النشاط البدني، صعوبة في المشي، تيبس المفصل.

2. التهاب المفصل الروماتويدي

هو مرض مناعي ذاتي يهاجم فيه الجهاز المناعي الغشاء الزليلي، مسببًا التهابًا مزمنًا في المفصل. هذا الالتهاب يؤدي إلى ألم وتورم وتصلب، ويصيب عادة عدة مفاصل معًا، ومنها مفصل الورك.

• الأعراض: ألم مع تورم المفصل، تصلب صباحي، إرهاق عام.

• التشخيص: فحوصات الدم، صور الأشعة، التصوير بالرنين المغناطيسي.

3. التهاب الجراب (Bursitis) حول الورك

الجراب هو كيس صغير مملوء بسائل يخفف الاحتكاك بين العضلات والأوتار والعظام. التهاب هذا الكيس يسبب ألمًا حادًا وخاصة عند الضغط عليه أو الحركة.

• الأماكن الشائعة: الجراب الكبير الواقع على جانب الورك.

• الأعراض: ألم شديد عند الاستلقاء على الجانب المصاب، ألم أثناء المشي أو صعود السلالم.

4. تمزق أو التهاب الأوتار (Tendinitis)

الأوتار التي تربط العضلات بالعظام حول الورك قد تتعرض للالتهاب أو التمزق بسبب الإجهاد المتكرر أو الإصابات المباشرة، مما يؤدي إلى ألم مستمر وخاصة عند تحريك المفصل.

5. الإصابات والكسور

الكدمات، التواءات المفصل، أو كسر عنق عظمة الفخذ خصوصًا عند كبار السن بسبب هشاشة العظام تسبب ألمًا حادًا مفاجئًا في الورك، مع صعوبة الحركة.

6. هشاشة العظام

ضعف كثافة العظام يجعلها أكثر عرضة للكسر والإصابة تحت أقل ضغط، وخاصة في منطقة عنق عظمة الفخذ، مما يسبب ألمًا مستمرًا ومتزايدًا مع الوقت.

7. متلازمة العضلة الكمثرية (Piriformis Syndrome)

في هذه الحالة، تضغط عضلة الكمثرى على العصب الوركي، مما يسبب ألمًا يبدأ في الورك وينتشر إلى الساق، ويزداد مع الحركة أو الجلوس لفترات طويلة.

8. ألم إحالي من الفقرات القطنية

الأعصاب التي تخرج من العمود الفقري القطني تغذي الورك والساقين. إذا تعرضت هذه الأعصاب للضغط بسبب انزلاق غضروفي أو تضيق في القناة العصبية، فقد يشعر المريض بألم في الورك مع وخز أو تنميل في الأطراف.

9. التهاب المفصل الإنتاني (العدوى)

نادرًا ما يصاب مفصل الورك بعدوى بكتيرية، تؤدي إلى ألم شديد مع ارتفاع في درجة الحرارة، تورم، واحمرار في المنطقة.

10. الأورام

الأورام سواء كانت حميدة أو خبيثة في العظام أو الأنسجة المحيطة قد تسبب ألمًا مزمنًا ومستمرًا في الورك.

عوامل أخرى تؤدي إلى ألم الورك

• السمنة: زيادة الوزن تؤدي إلى ضغط زائد على مفصل الورك، مما يسرع من تلف الغضروف.

• قلة الحركة: ضعف العضلات المحيطة بالورك يؤدي إلى عدم استقرار المفصل وظهور الألم.

• الشد العضلي: تمزقات صغيرة أو توتر في العضلات المحيطة.

• مشاكل في الأوعية الدموية: ضعف تدفق الدم إلى رأس عظمة الفخذ قد يسبب موتًا لعظم رأس الفخذ (نخر العظم اللاوعائي).

الفحوصات التشخيصية لألم الورك

يبدأ التشخيص بفحص سريري مفصل، حيث يفحص الطبيب طريقة المشي، نطاق الحركة، موقع الألم، والاختبارات الحركية الخاصة. يعتمد التشخيص على:

• الأشعة السينية (X-ray): تكشف عن التآكل في الغضروف، الكسور، أو تشوهات العظام.

• التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): للكشف عن تمزقات الأوتار، التهابات، أو أورام.

• الأشعة المقطعية (CT scan): لتفاصيل أدق للعظام والأنسجة.

• فحوصات الدم: للكشف عن علامات الالتهاب أو الأمراض المناعية.

• تحليل السائل المفصلي: في حالة الاشتباه بالعدوى أو التهاب المفاصل.

علاج ألم الورك

يختلف العلاج باختلاف السبب وشدة الألم، ويشمل:

العلاج الدوائي

• مسكنات الألم: مثل الباراسيتامول ومضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs).

• مرخيات العضلات: في حالات الشد العضلي.

• المضادات الحيوية: عند وجود عدوى.

• الأدوية المعدلة للمرض: في حالات الروماتويد.

العلاج الطبيعي

• تمارين تقوية العضلات حول الورك لتحسين الدعم.

• تمارين زيادة المرونة وتخفيف التصلب.

• العلاج بالحرارة أو البرودة لتقليل الألم والالتهاب.

التدخل الجراحي

• تنظير المفصل: لإزالة الأنسجة الملتهبة أو إصلاح الأوتار.

• استبدال مفصل الورك: في حالات الفصال العظمي المتقدمة أو الكسور الكبيرة.

• تصحيح تشوهات العظام: مثل إعادة محاذاة المفصل.

الجدول التالي يوضح أبرز أسباب ألم الورك وخصائصها

خلاصة

وجع الورك من المشكلات الطبية المعقدة التي تتطلب تشخيصًا دقيقًا لتحديد السبب الأساسي، حيث تتنوع الأسباب بين الالتهابات التنكسية، الإصابات، المشكلات العضلية، والأمراض المزمنة. معرفة التركيب التشريحي للمفصل وأنواع الألم تساعد في فهم الحالة بشكل أفضل. التشخيص المبكر والعلاج المناسب يساهمان في تقليل المضاعفات وتحسين جودة حياة المريض. متابعة الطبيب المختص مع الالتزام بالعلاج الطبيعي والدوائي قد يمنع تفاقم الحالة، خاصة مع تقدم العمر وزيادة عوامل الخطر.